روائع مختارة | روضة الدعاة | الدعاة.. أئمة وأعلام | قبسات لخطبة الجمعة من عَبَق خطبة الوداع

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > الدعاة.. أئمة وأعلام > قبسات لخطبة الجمعة من عَبَق خطبة الوداع


  قبسات لخطبة الجمعة من عَبَق خطبة الوداع
     عدد مرات المشاهدة: 4493        عدد مرات الإرسال: 0

فمما لاشك فيه أن لخطبة الجمعة تأثيراً أيما تأثير لو حسن إستغلالها وتضمينها ثمة أصول وركائز دشنتها خطبة الوداع، والتي ينبغي الحرص عليها في خطب الجمع، ويتضح ذلك من خلال ما يلي:

1= توحيد الله عز وجل:

وبادئ ذي بدء، وعلى الرغم من أهمية خطبة الجمعة في الصد عن مختلف الإنحرافات الفكرية المختلفة، إلا أن ذلك لا يعني الحيدة عن مقصود الخطبة الأعظم، وهو تعبيد الناس لخالقهم في ظلال توحيد الله عز وجل، والترغيب في جنته، والترهيب من ناره، يقول ابن القيم: موضحاً هذا المعنى: أن فيه الخطبة التي يقصد بها الثناء على الله وتمجيده، والشهادة له بالوحدانية ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة، وتذكير العباد بأيامه، وتحذيرهم من بأسه ونقمته، ووصيتهم بما يقربهم إليه وإلى جنانه، ونهيهم عما يقربهم من سخطه وناره، فهذا هو مقصود الخطبة والاجتماع لها.

ويقول الشيخ رشيد رضا معلقاً على خطبة الوداع: إن النبي صلى الله عليه وسلم هدم فيها قواعد الشرك والجاهلية، وقرر قواعد الإسلام، وأمر أن يبلِّغ الشاهد الغائب، ونعى إليهم نفسه، وأشهد الله تعالى والمؤمنين أنه قد بلَّغ الدعوة.

2= عظم حرمة الدماء والأموال والأعراض:

ويتبدى ذلك من خلال التشديد عليها وإقران حرمتها بحرمة ذلك اليوم والشهر العظيمين، بل والبلد الحرام، وفي خطبته على جبل عرفات في حجه الوحيد، وفي تصدير الكلام بذلك لهو من أكبر الأدلة على أهمية ذلك، فضلا عن أدلة ذلك المبثوثة في الكتاب والسنة، وبما يدل على الإعتناء بالإنسان ذاته وكرامته، وهو أصل الأصول.

يقول الأستاذ محمد قطب: فيقرر الله أصل الكرامة لبني آدم، ويقرر الرسول صلى الله عليه وسلم حرمة الدماء والأموال والأعراض تحقيقا لتلك الكرامة في عالم الواقع، في التعامل الذي يجري بين الناس.

3= حرمة المال الخبيث:

فكثيرا ما ينحرف المنحرفون إبتغاء الكسب الحرام، بل هو من الوسائل التي تستخدم في تدمير المجتمع المسلم.

ويوضح الأستاذ عبد الرحمن بن حسن حَبَنَّكَة خطر أولئك مبينا وسائلهم بقوله: وجندوا كل ما يستطيعون تجنيده لإفساد المجتمعات الإسلامية بهذه العناصر، وسهلوا سبل فتح الدور التي تستدرج إليها طلاب اللذة المحرمة، وعشاق المال الحرام وحرضوا المتطلعين إلى الرياسة أن يغامروا ويتصارعوا على مظاهر فارغة لا طائل تحتها، ويبددوا قواهم بالصراع فيما بينهم، حتى يظفر العدو بهم جميعاً، ويسخرهم بألاعيبه وحيله لما يريد فيهم وفي جميع المسلمين، من توهين وتشتيت، وتغيير جذري لكل مقوّم من مقومات وجودهم، ووجهوا أجراءهم للقيام بعملية التحويل الكلي لوجود الأمة الإسلامية.

4= تحليل الحلال وتحريم الحرام:

وأصل ذلك هو نقص العلم الشرعي، أو الحيدة عنه بالهوى، وعن الأول فلابد من تعلم العلم الشرعي وأصوله ومبادئه وفنونه المختلفة، وإلا فمن لم يحفظ سنن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحسن تمييز صحيحها من سقيمها ولا عرف الثقاة من المحدثين ولا الضعفاء والمتروكين ومن يجب قبول إنفراد خبره ممن لا يجب قبول زيادة الألفاظ في روايته، ولم يحسن معاني الأخبار والجمع بين تضادها في الظواهر ولا الناسخ من المنسوخ، ولا اللفظ الخاص الذي يراد به العام، ولا اللفظ العام الذي يراد به الخاص.. ولا الأمر الذي هو فريضة وإيجاب، ولا الأمر الذي هو فضيلة وإرشاد، ولا النهي الذي هو حتم لا يجوز إرتكابه من النهي الذي هو ندب يباح إستعماله، مع سائر فصول السنن، وأنواع أسباب الأخبار كيف يستحل أن يفتي، أو كيف يسوغ لنفسه تحريم الحلال، أو تحليل الحرام.. ويصيب رافضا قول من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى صلى الله عليه وسلم.

5= التأكيد على معاني العدالة وعدم الظلم:

فإن العدل من أسمى مقاصد الشريعة، ومن أهم وشائج سلامة بنيان المجتمعات، وحمايتها من أوجه الإنحرافات الفكرية المختلفة، وفيه معنى من معاني الحرية الحقيقة للعبد المسلم، يقول الشيخ صالح بن عبد الله بن حميد: الحرية الحقيقيَّة حينما قلنا إنَّ الإنسان ليس حرًّا في الإعتقاد، بل يجب أن ينحصر إعتقاده في الله وحده ربًّا ومعبودًا، لا يجوز أن يخضع لغيره أو يطيع سواه فيما يخالف أمر الله.

نقول ذلك، لأنَّ هذا هو ضامن الحريَّة الحقيقيَّة على هذه الأرض... لماذا؟ لأنَ البشريَّة منذ القدم وحتَّى اليوم وهي تعاني في كثير من دِيارها من طواغيت متنوِّعة خضعت لها رؤوسها، وذلَّت لها رقابها، حتَّى اندثر كلُّ معنًى للحرية، وغاب كلُّ أثرٍ للكرامة الإنسانيَّة في نفوس هؤلاء الخاضعين لغير الله، فالخضوع والخوف والرهبة والإنقياد والإستسلام لا يكون إلاَّ لله الذي له صفات الكمال المطلق، فهو وحده الغنيُّ القادر المسيطر القاهر الحكم العدل الذي لا يجوز عليه الظلم، لأنَّ الظلم أثر من آثار الضعف والحاجة والله منزه عن كلِّ ذلك.

أمَّا من خضع لغير الله، فقد إنتقص من حرية نفسه بمقدار خضوعه وذِلَّته لغير ربه، والطواغيت التي سلبت الناس حريَّاتِهم كثيرة، من أمثال علماء السوء والأحبار والرهبان والكهان والحكَّام والدرهم والدِّينار، وترقَّى الأمر عند هذه الفئات حتَّى حرَّفوا الكتب المنزَّلة على الرسل، لتتمشَّى مع أهوائهم، وأدخلوا فيها ما ليس منها.

بل وعدم ظلم المرأة خاصة من قبل الرجل وفي ظل فهم خاطئ لمعاني الدين، ويجلي ذلك الشيخ محمد إسماعيل المقدم بقوله: وليس المقصود بالقوامة -كما يظن بعض الجهلة- ظلم المرأة، والإستبداد بها، والإستعلاء عليها، وإنما هي المبالغة بالقيام على رعاية المرأة والإنفاق عليها، وإعطائها حقوقها، والحفاظ على عرضها وعفافها.

الكاتب: خالد عمر.

المصدر: موقع رسالة الإسلام.